مهما كانت الشركة تقدم منتجاتٍ وخدماتٍ ذات جودة عالية، إلا أنه من الصعب أن تنال رضى عملائها جميعاً بنسبة 100%، والخطأ وارد في أية لحظة ولأي سبب، فربما هناك سوء ما في الخدمة، أو عيب ما في المنتج، وربما أيضاً حصل بطء في الاستجابة لمطلب العميل بسبب ضغط العمل وعدم القدرة على مجاراة الأمور برويّة، تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة، وهي: عميل غاضب مستعد للانفجار أمامك، لذا كيف تتعامل مع العميل الغاضب؟
1-حافظ على هدوئك:
أول خطوة للتعامل مع العميل الغاضب هي ألا تجاريه في موجة غضبه، بل على العكس حافظ على هدوئك وامتص غضبَه حتى لو كان أسلوبه غيرَ مهذب، صحيح أنّ الموقف صعب لكن فقدانك لأعصابك هو الأصعب وسيعقّد الأمور إلى ما لا تُحمد عقباه.
2-استمع باهتمام لسبب غضبِ العميل:
يقول ستيفن كوفي: “معظم الناس لا يستمعون بقصد الفهم، بل يستمعون بنيّة الرد”.
إن اهتمامك بمشكلة العميل لمعرفة سبب غضبه لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستماع الجيد، ركز معه وأعره انتباهك الكامل دون أن تسمح لأي مشتت أن يقلّلَ تركيزك.
أصغِ باهتمام دون أن تقاطعه ودون أن تركز في عملية استماعك على كيفية الرد عليه، وأشعِره بالمقابل بمدى تفاعلك معه من خلال تأكيدك على العبارات الرئيسة أو الأخيرة.
3- لا تجعل الأمر شخصياً:
إن العميل الغاضب ليس غاضباً منك وإنما من الخدمة أو المنتج المُقدَّم له دون أن يلبّي توقعاته، لذا لا تأخذِ الأمور على نحو شخصي على الإطلاق حتى لو تلفّظ العميل بكلمات قاسية وغير مناسبة، فهو غاضب ببساطة، والغاضب لا يستطيع التحكم بأعصابه وبطريقة تفكيره، لذا فالمطلوب هنا هو أن تحيّد مشاعرك الشخصية لأن المشكلة أساساً لا تتعلق بشخصك، وأن تتفهم العميل الغاضب وتتعاطف معه.
4-تجنب تقديم التبريرات:
كلّ الأسباب التي تعتقد أن شرحها للعميل الغاضب سيساهم في تهدئته لن تزيده في الواقع إلا استفزازاً وغضباً، لأنه ببساطة لن يهتم لتبريراتك ولن يهمه إلا تقديم الحلول بسرعة لمعالجة مشكلته على الفور.
ربما كان أخطر تبرير تقدمه هو ذكر “سياسة الشركة” وإلقاء اللوم عليها، لأن الفكرة الوحيدة التي ستصل إلى العميل الغاضب هو أن هذه الشركة لا تهتم بعملائها، وهذا بدوره سيساهم بشكل كبير في تشويه سمعة الشركة لدى عملائها بشكل عام، وربما في فقدانهم.
5-ذكرُ اسم العميل الغاضب:
من المهم جداً أن تحرص على إيراد اسم العميل الغاضب في أثناء حديثك وتعاطفك معه، فهذا من شأنه أن يقرب المسافة ويذيب الجليد ويلغي التوتر، إضافة إلى أن العميل سيشعر بمدى صدقك وتعاطفك مع مشكلته، واهتمامك الكبير في التوصل إلى أنفع الحلول وأنجعها.
6-اعرض الحلول على العميل:
من المهم جداً أن تُشرك العميل الغاضب في عملية بحث مشتركة عن أفضل حل لمشكلته دون أن تحاول فرضَ حل ما عليه، وعلى الرغم من أن الحل الذي يفضّله ينبع عن عاطفة، أو يكون لا منطقياً لكنه سيعتبرها إهانة كبيرة في حقه إن أنت رفضتَ هذا الحلّ الذي يقدمه.
عند هذه النقطة الحرجة يُفترض أن ترحب بحلّه، فتقول: نعم…هذا حل، ولكن لنرَ الخيارات المتاحة الأخرى، وإن كان أحدها ممكناً فهل سيكون هذا حلاً مُرضياً لك؟
ابتعد عن كلمة “أنا” لأنها ستدلّ على أنك الوحيد الذي يشارك في الحل، واستخدم دائماً صيغة الجماعة التي ستُشعر العميل الغاضب أنه ينتمي إلى فريقك؛ فريق البحث عن حلول ممكنة، وهذا سيهدئه وسيجعله راضياً ومستجيباً لكل الخيارات المتاحة.
7-عزّز ثقةَ العميل:
إن العميل الغاضب سيتحول بسرعة البرق في حال عدم التصرف الصحيح إلى عميل غير واثق بما تقدمه الشركة، لذا من المهم للغاية تعزيز ثقة العميل من خلال اتباع الخطوات الآتية:
-إظهار الاهتمام الشديد بغضب العميل قبل حل المشكلة التي استدعت هذا الغضب، فتفهمُ غضبه أولاً هو ما سيساعد في تهدئته للتوصل بشكل أكثر فاعلية إلى الحل.
-عدم المراوغة وتقليب اللوم، بل الاعتذار وتحمل المسؤولية.
-إبقاء العميل على اطلاع بكل الخطوات والإجراءات المتّبعة لحل مشكلته.
8-شكر العميل:
نعم…لا تستغرب، عليك في النهاية أن تشكر العميل الغاضب -حسناً…لم يعد غاضباً بالتأكيد بعد حل مشكلته-
فهو الذي منح الفرصة لتحسين جودة منتجك أو خدمتك، وهذا بالتأكيد سيمنع تفادي أية مشكلة في المستقبل، وتكرار ما حدث مع عميل آخر ربما ستتجاوز ردة فعله حدودَ الغضب، إضافة إلى أنّ العميل سيشعر بالرضى والسعادة عندما يشعر أنه رغم غضبه يتم شكره الآن، وأنه كان السبب في الكشف عن الخطأ وتصحيحه.
9-المتابعة مع العميل:
رغم كل الإجراءات السابقة، ورغم كل الحِرفيّة في التعامل مع العميل الغاضب إلا أنّ هناك احتمالاً صغيراً في أن يتجه هذا العميل الغاضب إلى المنافسين في المرة القادمة خوفاً من تكرار المشكلة، لذا فإن هذه الخطوة أساسية ومهمة للغاية:
احرص على متابعته بعد فترة من حل المشكلة، تكلم معه هاتفياً، أو أرسل إليه رسالة اطمئنان تُظهر مدى اهتمامك به على نطاق شخصي وليس بصفته عميلاً، هذه الخطوة الصغيرة تأثيرها كبير جداً، وستُبعد أية فكرة في ذهن العميل من شأنها أن تُبعده عن شراء خدمتك أو منتجك في المستقبل.
تذكر قبل أن تبدأ القيام بهذه الخطوات أنّ العميل الغاضب هو شخص مستاء وبحاجة إلى التعبير عن استيائه، لذا دعه أولاً يفرّغ غضبه وتقبّل حقيقة انفعاله، هذه الحقيقة المرة.
وهنا ننصحك بأن تأخذ خلال ذلك دقيقة من الصمت، وتترك الملعب للعميل ولغضبه، مكتفياً فقط بهزّ رأسك وكأنك توافق على كل ما يقول، وبعد دقيقتين سيكون قد فرّغ غضبه وستكون أنت مارست التنفس العميق دون أي كلام مع العميل من شأنه أن يزيده توتراً وغضباً ويزيدك شخصنةً للأمور، كل ذلك سيجعلك تحافظ على العميل، وسيُكسبك الثقة بنفسك لقدرتك على التعامل مع العميل الغاضب الذي يعد من أصعب أنواع العملاء.